أجمعت نخب إسرائيلية على أن أزمة شبه جزيرة القرم ستلحق ضرراً هائلاً بإسرائيل وستمس ببيئتها الإستراتيجية.
وقال رئيس "دائرة السياسات الإستراتيجية" بـ"مركز هرتسليا متعدد الاتجاهات" إن الاستقطاب بين القوى المؤثرة بالعالم في أعقاب تفجر الأزمة يخدم بشكل خاص إيران وبرنامجها النووي. وأضاف البروفسور أليكس مينتس بأن ذلك سيفضي إلى انهيار نظام العقوبات المفروض على طهران، سيما العقوبات الاقتصادية والنقدية ذات التأثير الكبير على الاقتصاد الإيراني.
ففي مقال نشره موقع "وللا" الإخباري، مساء الأربعاء، أوضح مينتس أن الاستقطاب السائد حالياً يعيد للأذهان الاستقطاب الذي اتسم به النظام العالمي أثناء الحرب الباردة، مشيراً إلى أن هذه الحالة تؤثر على مواقف روسيا وأميركا من القضايا العالمية، ومن ضمنها البرنامج النووي الإيراني.
وأوضح مينتس أن كلاً من روسيا وأميركا باتت ترى في نجاح أحدها فشلاً للطرف الآخر بالضرورة. وتوقع أن يربط الروس بين تعاونهم مع الغرب في التصدي للبرنامج النووي الإيراني بتراجع الأخير عن موقفه من ضم روسيا شبه جزيرة القرم، وهو ما سترفضه إدارة الرئيس باراك أوباما على ما يبدو.
ولم يستبعد أن يرد الروس على العقوبات التي أعلنها الغرب ضدهم عبر إنهاء مقاطعتهم الاقتصادية لإيران بشكل خاص، في مسعى للبحث عن أسواق لبضائعهم، مشيراً إلى أنه من غير المستبعد أن يوقع الروس مع الإيرانيين على اتفاقات تبادل تجاري كبيرة.
وتوقع رئيس دائرة السياسات الإستراتيجية بمركز هرتسليا أن يخرج الروس ضد أي عمل عسكري تقوم به الولايات المتحدة أو إسرائيل ضد المنشآت النووية الإيرانية.
"
أليكس مينتس:
الاستقطاب بين القوى المؤثرة بالعالم في أعقاب تفجر الأزمة يخدم بشكل خاص إيران وبرنامجها النووي وسيفضي إلى انهيار نظام العقوبات المفروض على طهران
"
تحذير واتهاموفي ذات السياق، حذرت دراسة صادرة عن "مركز أبحاث الأمن القومي" التابع لجامعة تل أبيب من أن الروس قد يتجهون إلى التوسع في بيع السلاح، لأطراف تناصب إسرائيل العداء، سيما السلاح الذي يمكن أن يخل بميزان القوى القائم.
وتوقعت الدراسة -التي صدرت أمس ونشرت في العدد 532 من مجلة "مباط عال"- أن تدفع حالة الاستقطاب في النظام العالمي الروس إلى تقديم دعم سياسي لأطراف تعادي إسرائيل.
ودعت الورقة الحكومة الإسرائيلية إلى إبداء أقصى درجات الحذر في تعاطيها مع أزمة شبه جزيرة القرم، وعدم الإقدام على أي موقف يمكن أن يستفز أطرافها.
من ناحيته، انتقد البروفسور إبراهام بن تسفي المختص بالشأن الأميركي بجامعة "بارإيلان" بشدة سلوك الرئيس الأميركي متهماً إياه بالمسؤولية عن تدهور النظام العالمي.
وفي مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" الاثنين الماضي، اعتبر بن تسفي أن حرص إدارة أوباما على تجنب التدخلات العسكرية أضعف مكانة الولايات المتحدة، مما سمح لأطراف عديدة بتحديها مشيراً إلى أن هذا الواقع يخدم مصالح أعداء إسرائيل.
وأشار بن تسفي إلى أن إيران والنظام السوري وحزب الله اللبناني سيستفيدون كثيراً من تداعيات الأزمة الأوكرانية.
نصيحة دبلوماسيةمن ناحيته، حث سفير إسرائيل الأسبق بواشنطن زلمان شوفال الحكومة الإسرائيلية على تكثيف جهودها الدبلوماسية الهادفة إلى إقناع الروس بعدم إحداث أي تغيير على موقفهم من الصراع العربي الإسرائيلي في أعقاب تفجر أزمة القرم.
وفي مقال نشره بصحيفة "إسرائيل اليوم" الثلاثاء الماضي، أشار شوفال إلى ضرورة التحرك لدى الكرملين لمنع إحداث أي تغيير في الموقف الروسي من نظام العقوبات المفروض على إيران وإقناع الرئيس فلاديمير بوتين بعدم تزويد إيران وحزب الله بسلاح يغير ميزان القوى الإستراتيجية.