أسبآب التوفيق -
1- ذل العبد وخضوعهه لله :
فيقر العبد في كل ذَرَّةٍ مِنْ ذَرَّاتِهِ الباطنة والظاهرة بإفتقاره التـام إلى ربه ووليه، ومن بيده صلاحه
وفلاحه ورزقه، وهُدَاهُ وسعادته وهذه الحـال التي تَحْصُلُ لقلبه لا تَنَالُ الْعِبَارَةُ حقيقتهـا وإنما تُدْرَكُ
بالحصول، فيحصل لقلبه كَسْرَةٌ خاصة لا يشبهها شيء.
فما أقرب الْجَبْرَ من هذا القلب المكسور! ومـا أدنى النصر والرحمة والرزق منه! وما أنفع المشهد
هذا له وأجداه عليه وَذَرَّةٌ مِنْ هذا وَنَفَسٌ مِنْهُ أحب إلى الله من طاعات أمثال الجبال مِنَ الْمُدِلِّينَ
الْمُعْجَبِينَ بأعمالهم وعلومهم وأحوالهم.
2- النية الصالحة :
فعلى قدر نية العَبْد وهمته وَمرَاده ورغبته، يكون توفيقه سُبْحَـانَهُ وإعانته، فالمعونة من الله تنزل
على الْعباد على قدر همتهم وثباتهم ورغبتهم ورهبتهم والخذلان ينزل عَلَيْهِم على حسب ذلك
فَالله سبحانه أحكم الْحَاكِمين وأعلم العالمين يضع التَّوْفِيق في مواضعه اللائقة بِهِ والخذلان في
مواضعه اللائقة به.
أمإ آسباب الخذلآن :
1- اتبآع الهوى :
إِذْ إِنَّهُ يغلق عن العبد أبواب التوفيق ويفتح عليه أبـواب الخذلان، فتراه يلهج بأن الله لو وفق لكان
كذا وكذا، وقد سد على نفسه طرق التوفيق بإتبـاعه هواه، قال الفُضيل بْن عِيَاضٍ: من استحوذ
عليه الهوى واتباع الشهوات انقطعت عنه موارد التوفيق.
ويشهد لـهذا قوله تعـالى: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} ، أي: لا تَمِلْ مع أهواء نفسك
وحظوظها، فيصرفك الله عن الدلائل الدالة على الحق.
2- الريآء وملاحظة المخلوقين :
لا ينفك أحد منا عن التطلع إلى حب لذة المحمدة والجاه والطمع فيما في أيدي النـاس لكن من
كمل عقله ووفق لإتباع الحق، رأى ذلك مَرَضاً مُهْلِكًـا فأحتاج إلى دواء ليزيله ويقطع عروقه والدواء
النافع لذلك هو أن يُعْرض عن رغبته في كـل ذلك لما فيه من مضرة، وفوات صلاح القلب، وحرمان
التوفيق في الحـال والمنزلة الرفيعة في الآخرة، والعقاب العظيم والمقت الشديد والخزي الظاهر.
ينادى على رؤوس الخلائق ويقال للمرائي: يا فاجر، يا غادر، يا مرائي أما إستحييت إذا إشتريت
بطاعة الله تعالى عرض الحياة الدنيا ، راقبت قلوب العباد واستهزأت بنظر الله تعالى وطاعته، ولا
يخلو الطامع في الْخَلْقِ من الذُّلِّ والخيبة أو من الْمِنَّةِ والمهانة.
3- التكبر والغرور :
إِذا عرف العبد قدر النعمة وخطرها وشكر الْمُنعم عليها أدامها الله عليه وزادها كما قال تعالى عن
سُلَيْمَان بن دَاوُد : {هذا مِن فَضْلِ رَبِّي ليبلوني أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} أي: هذا من فضل الله، وإِحسانه
إليَّ وَلم يقل هَذَا من كَرَامَتِي فَإِذا علم الله هَذَا من قلب عبد فَذَلِك من أَسبَاب توفيقه.
أمَّا إِنْ وافته النعم فقـال هذا لي وَإِنَّمَا أُوتِيتهُ لِأَنِّي أَهله فتعجبه نَفسه وتطغى بِالنعْمَةِ وتستطيل
على غَيرهَا، فَيكَون حظها مِنْهَا الْفَرح وَالْفَخْر.
كَمَا قَالَ تَعَالَى عن قارون: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} أي: لَـوْلَا رِضَاه عَنِّي وَمَعْرِفَتُهُ فَضْلِي مَا
أَعْطَانِي الْمَالَ فَإِذا علم الله هَذَا من قلب عبد فَذَلِك من أَسبَاب خذلانه وتخليه عَنهُ.
-
اللهم من علينآ بتوفيقك ، وجنبنآ الخطأ والخذلآن .
اتمنى انكم استفدتوا من موضوعي ، اشكر متابعتكم ومروركم