عـلـوم الـبـلاغـة...(( خاص بالمسابقه

علوم البلاغة

ولقد درستها بالتفصيل من ثلاثة كتب
هم

أولاً : أسرار البيان
للدكتور
على محمد حسن العمارى

ثانياً : المنار في علوم البلاغة
للدكتور
عبدالحكيم حسن نعناع

ثالثاً : مفتاح البلاغة
للدكتور
محمد محمد خليفة & عبدالحكيم حسن نعناع

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

التشبيه

في اللغة : الشِبْه والشَّبَه والشَّبِيْه

وعند علماء البيان هو : إلحاق أمر بأمر في معنى مشترك بينهما بأداة

قال الشاعر
كأنما الماء في صفاءٍ وقد جري ذائب اللجين

نجد الماء اُلحق بذائب اللجين ، ووجه الإلحاق هو الصفاءُ ، والأداة التى استعملت هي " كأن " ،
فترى التشبيه تم بأربعة أمور ( الماء وهو المشبه – وذائب اللجين وهو المشبه به – والصفاء وهو المعنى الذي أُلحق فيه المشبه بالمشبه به ، ويسمى وجه الشبه – و كأن وهي أداة التشبيه )

إذاً يتم التشبيه بأربعة أمور " أركان التشبيه "
هي
" المشبه – المشبه به – وجه الشبه – أداة التشبيه "

المشبه : هو الموضوع المقصود بالوصف ، لبيان قوته أو لجماله أو لقبحه
المشبه به : هو الشيء الذي جئنا به نموذجاً للمقارنة ، ليعطى المشبه القوة أو الجمال أو غيره
وجه الشبه : هو الوصف الذي يستخلص في الذهن من المقارنة بين المشبه والمشبه به " الصفة المشتركة بين الطرفين المشبه والمشبه به "
أداة التشبيه : هي الرابط بين الطرفين


أدوات التشبيه

لابد للتشبيه من أداة مذكورة أو مقدرة ، وأدوات التشبيه كثيرة ،
فقد تكون حروفاً وقد تكون أسماءاً وقد تكون أفعالاً ،

(1) حروف وهي :

أ - الكاف ، والأصل فيها أن تدخل على المشبه به
مثل قوله تعالى : ( وله الجوار المنشآت فى البحر كالأعلام )
وأيضاً قول الرسول صلى الله عليه وسلم " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً "

وقد تدخل الكاف على كلمة داخلة فى المشبه به ،
كقوله تعالى : ( واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كمآء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذروه الرياح وكان الله علي شيءٍ مقتدراً )

والشبه هنا ليس في تشبيه الحياة الدنيا بالماء المنزل من السماء
ولكن التشبيه هنا بالنبات الذي نزل عليه المطر فأصبح مخضراً يعجب الناظرين ثم جف ويَبُسَ فتطيره الرياح كأن لم يكن ،
فالقصد من جملة أن الكاف داخلة على كلمة فى المشبه هو أن الكاف ملصقه بالماء ولكن الماء ليس المشبه به وليس حتى وجه الشبه ولكنه جزء فقط

وربما تدخل الكاف علي شيء لا دخل له فى التشبيه وانما قيد فيه
مثل قوله تعالى : ( يأيها الذين ءامنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحوارين من أنصارى إلى الله )

ب - كأن ، وقد قيل إنها دائماً للتشبيه ، وقيل إذا كان خبرها جامداً كانت للتشبيه ،
وإذا كان خبرها مشتقاً كانت للشك ، على معنى أنك تشك في قيام الخبر بالمبتدأ ، مثل ، كأن أخاك قادم ،،

والحق أن كأن قد تأتى للظن القريب من الشك فى المشتق وفى الجامد كقولك : كأن علياً أخوك ، وكأنه حاضر ، فليست للتشبيه هنا ،

وكثيراً ما تكون للتشبيه ، إذا كان الخبر جامداً وتأتى للتشبيه والخبر فعل أو إسم مشتق ،
ومن أمثلة ذلك ، قول شوقي فى أبي الهول :
تهزأت دهراً بديك الصباح فنقَّر عينيك فيما نقر
فعدت كأنك ذو المحبسيـ ــن قطيع القيام ، سليب البصر
كأن الرمال على جانبيك وبين يديك ذنوب البشر
كأنك فيها لواء القضــ ــاء على الأرض أو ديدبان القدر
كأنك صاحب رمل يرى خبايا الغيوب خلال السطر

" أسجل إعتراضي على المعنى العام للقصيدة :) ولكن محتاجها "

فلا فرق في إفادة كأن للتشبيه بين أن تشدد النون أو تخففها ، وسواء اتصلت بها " ما " أو لم تتصل ،

ومن أمثلة المخففه ، قول الشاعر :
وصدر مشرق النحر كأنْ ثدياه حقان

ومثل كأنما قول الصاحب بن عباد
رق الزجاج وراقت الخمر فتشابها فتشاكل الأمر
فكأنما خمر ولا قدح وكأنما قدح ولا خمر


• يتم التفريق بين " كـ و كأن " بأمور :-

1- كـ يليها فى الغالب المشبه به ، كأن يليها فى الغالب المشبه
2- كأن أقوى وأبلغ فى الدلالة على إلحاق المشبه بالمشبه به فهي تستعمل لتقوية الشبه حتى يخيل للرائى أن المشبه هو المشبه به
3 الكاف تجيء للتشبيه والتعليل


،،،،،،،،،

(2) - وقد تكون الأدوات أسماءاً أو أفعالاً

تابع أدوات التشبيه :-

(2) أسماء وهي :
" مثل – شبه – مشبه – محاك – مماثل – نظير - .......الخ "

قال شوقى :
شُهَدُ الحياة مشوبةٌ بالذل مثل الحنظل
" شُهَدُ : جمع شهيدة ، مشوبةٌ : مخلوطة "

وقوله أيضاً فى وصف قصور السلطان عبدالحميد بعد سقوطه :
أين الأوانس في ذراها من ملآئكة وحور ؟
الـناعـمات الطـيـبـات الـعـرف أمثال الزهور


وربما دخلت الكاف على مثل ، فاجتعما أداتا تشبيه ، كقول إبراهيم بن العباس :
تدانت بقوم عن تناء زيارة وشط بليلي عن دنو مزارُها
وليلي كمثلُ النار ينفع ضوؤها بعيدا نأي عنها ويحرق جارها

وهذه الأسماء منها ما يقع بعده المشبه به " مثل – شبه " ، ومنها ما يقع بعده المشبه وذلك في الأسماء المشتقة من مادة التشبيه وما ماثلها ، فإذا قولت ( أنت مماثل البحر ) فالمشبه هو الضمير المستتر في اسم الفاعل والبحر مشبه به ،



(3) أفعال وهي :

وأفعال التشبيه تكون على نوعين

أ – أفعال تفيد التشبيه صراحةً ،
ككل فعل اشتق من مادة التشبيه وما أشبهها ،
مثل ، أشبه و حاكى و حكى و ماثل و ضارع و ضاهى ،

ومن أمثلة ذلك قول الشاعر :
والنهر يشبه مِبردا من أجل ذا يجلو الصدى

وقول أبى الفتح الببغاء :
أوَليس من إحدى العجائب أننى فارقته ، وحَيِتُ بعدَ فراقه
يا من يحاكى البدر عند تمامه ارحم فتى يحكيه عند محاقه


ب – أفعال تجيءُ بعد تحقيق التشبيه ،
وهي تدل على قرب الشبه أو بعده بحسب معناها ،
وذلك مثل ، علمت و خلت و حسبت ،

كقول بشارْ :
حوراءَ إن نظرت إليـ ــك سقتك بالعينين خمراً
وتخال ما جمعت عليـ ــه ثيابها ذهباً وعطراً

شبه الشاعر جسدها الصافي الذكي الرائحة بالذهب والعطر ، وهذا التشبيه مستفاد من جعل الذهب خبراً عن (ما) قبل دخول الناسخ ، فكأنه قال ، جسدها ذهب وعطر ، فلم تفد (تخال) إلا بعد التشبيه ،

وكقول الآخر :
ولقد علمتك في الكريهة ضيغما أظفاره بيض السلاح وحمره

فقد شبهه بالضيغم (الأسد) ، وهذا التشبيه مستفاد من الإسناد قبل دخول علمت ، لأنه لو رفع هذا الفعل ، وقال أنت ضيغم ، لكان الكلام على التشبيه ، وإنما أفادت علمت تحقيق التشبيه ، أي أن الشاعر يقول ، إن كونك ضيغماً أمر لا شك فيه .

يقع التشبيه من حيث حسية الطرفين وعقليتهما على أربعة أضرب :-

1- تشبيه المعقول بالمحسوس ،
2- تشبيه المحسوس بالمحسوس ،
3- تشبيه المعقول بالمعقول ،
4- تشبيه المحسوس بالمعقول ،


أولاً : تشبيه المعقول بالمحسوس .

وذلك كقول الله تعالى : ( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعةٍ يحسبهُ الظمئانَ مآءً )

فقد شُبِّهَتْ الأعمال وهي معقولة ، بالسراب وهو محسوس يتراءي للبصر ،
ووجه الشبه هو بطلان الأثر مع شدة الحاجة إليه .
ولو قال : يحسبه ( الرائي ) لم يقع موقع قولي ( الظمئان ) ،
لأن الظمئان أشد حاجة للماء ، وأعظم حرصاً عليه ،


ثانياً : تشبيه المحسوس بالمحسوس .

وذلك كقوله تعالى في الحديث عن بني إسرائيل : ( وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنهُ ظلةٌ )

وصورة الجبل فوق الرؤس غير معهودة ، وصورة الظلة معهودة ،
فكان التشبيه تقريباً لصورة المشبه وتوضيحاً لها ،
والجبل والظلة يُدْرَكَانِ بحالة البصر ، وكل ما أُدرِكَ بهذه الحاسة ،
أوغيرها من الحواس الظاهرة المعروفة ، فهو محسوس ،


ثالثاً : تشبيه المعقول بالمعقول .

كقول شوقي في مديح الرسول صلى الله عليه وسلم ،
أخوك عيسى دعا ميتاً فقام له وأنت أحييت أجيالاً من الرممِ
والجهل موت ، فإن أُوتيت معجزة فابعث من الجهل أو فابعث من الرجم

والشاهد في تشبيه الجهل بالموت ، فكلاهما معقول ،


رابعاً : تشبيه المحسوس بالمعقول .

الغرض من التشبيه الإيضاح ، وكان إدراك النفس للمحسوس أقوي من إدراكها للمعقول ،،
لأن الحواس نوافذ الإدراك ،
إذا كان كذلك ، كان المحسوس هو الأولي بأن يجعل مشبهاً به ،
ولكن قد يبالغ المتكلم في ظهور المعقول ووضوحه فيشبه به ،

مثل قول الخالدي :
ألا فاسقنى والليل قد غاب نوره لغيبة بدر فى الظلام غريق
وقد فضح الظلماء برق كأنه فؤاد مشوق مولع بخفوق

فقد شبه البرق في إشراقه ، ولمعانه ، واضطرابه ،
بقلب مشتاق إلى أحبابه ، شديد الخفوق ،
فهو مع ما يضيئه من إشراقات النفس مولع بالخفقان ،
والشعراء يدعون أن فؤاد العاشق مضيء ، وفؤاد غير العاشق مظلم ،

والسر في لطف هذا النوع من التشبيه ودقته ،
أنه ألحق المعانى بالأمور المحسوسة في الظهور والجلاء ،
فيصير كأنه تشبيه محسوس بمحسوس ،
وفي هذا نهاية المبالغة ،

وجه الشبه
هو أحد أركان التشبيه الأربعة ، فلابد في كل تشبيه من قصده ، وطرفا أي تشبيه يشتركان في أمور كثيرة ، ولكن الأديب يقصد بعضها ، واحداً أو أكثر ، لأن ذلك يتفق مع غرضه ،

مثل قول إبراهيم بن العباس الصولي :
أسَدٌ ضارٍ إذا هيجتهُ وأبٌ برٌّ إذا ما قدرا
يعرف الأبعد إن أثري ولا يعرف الأدنى إذا ما افتقرا

فيه تشبيهان : أحدهما تشبيه الممدوح بأسد ضار ، والثانى تشبيهه بأب بر ،
ولا شك أنه يشترك مع الأسد ومع الأب في كثير من الصفات ، غير أن الشاعر قصد صفة واحدة تبدو لنا من سياق الكلام ومما هو معروف من استعمالات العرب عندما يشبهون بالأسد وبالأب ،

ويعيننا على فهم وجه الشبه قوله ضار في الأول و بر في الثانى ، وواضح أن وجه الشبه هو الجرأة في التشبيه الأول ، والشفقة في التشبيه الثانى ،